ترتقب دول الخليج زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الأولى بمزيج من الفضول والحذر، وهي التي اعتادت طوال 12 سنة على الرئيس السابق جاك شيراك الذي يعد "صديقا عائليا" بالنسبة لمجمل دول المنطقة. وقال المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات عبد الخالق عبدالله في حديث مع وكالة فرانس برس ان "ساركوزي شخصية مثيرة جدا للجدل حتى في هذه المنطقة". ومن المتوقع ان يصل ساركوزي الأحد الى الرياض وينتقل الاثنين إلى قطر قبل أن ينهي جولته بزيارة قصيرة تستغرق ست ساعات الى العاصمة الإماراتية ابوظبي. وكما في سائر الدول العربية، يسود شعور في أوساط القادة الخليجيين ولدى الرأي العام بان فرنسا اقتربت بشكل كبير خلال الأشهر الماضية من السياسة الأمريكية في المنطقة، ان كان في الموضوع العراقي او الفلسطيني وغيرهما. ولا يخفي البعض انزعاجهم من مبالغة ساركوزي في الحديث عن تلاقيه مع المواقف الأمريكية. وقال مسؤول سعودي طالبا عدم الكشف عن اسمه انه كان سيشعر "بالذل" لو كان فرنسيا عندما سمع خطاب ساركوزي أمام الكونغرس الأمريكي في نوفمبر الماضي. وكان الرئيس الفرنسي مجد "عظمة الولايات المتحدة" في الخطاب الذي قاطعه أعضاء مجلس النواب والشيوخ أكثر من عشرين مرة بالتصفيق الحاد. وأضاف المسؤول السعودي "ان ذلك يجعلنا نشعر بانه يسعى لإرضاء الأمريكيين بشكل مبالغ فيه".وقال محمد المسفر أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر، "لقد خسر العرب خسارة كبيرة بقدوم ساركوزي الى قصر الاليزيه"، مشيرا بشكل خاص إلى الملف العراقي والفلسطيني. إلا ان البعض لهم رأي آخر في الرئيس الفرنسي. وقال عبد الحميد الأنصاري المحلل القطري والعميد السابق لكلية الشريعة وأصول الدين في جامعة قطر ان "ابرز صفة يمكن ملاحظتها لدى الرئيس الفرنسي الجديد انه قطع مع طابع الانتهازية السياسية التي كانت تميز السياسة الفرنسية في عهد الرئيس جاك شيراك". وأضاف "ساركوزي لديه سياسة واضحة وهو يفعل ما يقول و يقول ما يفعل انه كثير النشاط وسريع الحركة ويتصف بالواقعية السياسية كما انه يحاول توثيق علاقات فرنسا مع العالمين العربي والإسلامي"، مشيرا بشكل خاص الى اقتراحات للتعاون النووي بين فرنسا ودول عربية وإسلامية. وخلص الى القول ان "الرجل لديه الكثير من الأفكار الايجابية التي من شانها توثيق العلاقات مع العالم العربي على قواعد عملية واقتصادية تنموية". ولكن إلى جانب السياق السياسي حصرا، يتعرض ساركوزي لانتقادات في ما يتعلق باسلوبه الشخصي والذي يراه البعض غير مناسب للحساسيات في المنطقة. وقال المحلل الإماراتي عبد الخالق عبدالله في هذا السياق "عندما يأتي زعيم الى المنطقة، عليه أن يتعاطى مع القادة هنا على صعيد شخصي وليس سياسياً" مذكرا بان شيراك كان "يتقن هذه اللعبة بشكل كامل". وأضاف "ان هذه الزيارة ستظهر ما اذا كان ساركوزي سينجح في خلق هذه البصمة الشخصية الضرورية التي لطالما كانت بالغة الأهمية في العلاقات الفرنسية العربية" معربا عن اعتقاده بان ذلك "يحتاج للوقت". وفي منطقة تعد فيها المظاهر مهمة، سجل البعض لساركوزي انه لن يمضي إلا ساعات قليلة في الإمارات، بالرغم من كون هذا البلد احد أهم الشركاء لفرنسا في المنطقة، لاسيما على الصعيد العسكري. وقال عبدالله "نظرا الى كون الإمارات ثاني اقتصاد عربي، كنا نتوقع معاملة أفضل". وخلافا للرئيس الأمريكي جورج بوش الذي يجول في المنطقة أيضا، لن يزور الرئيس الفرنسي إمارة دبي، المدينة التي تشهد نموا مذهلا وباتت تمثل رمزا من رموز العولمة. وخلص المحلل الإماراتي الى القول ان ذلك "يظهر أن بوش لديه فهم أفضل للطبيعة الاتحادية لهذا البلد".